صورةٌ.. أوقدتْ بركان الحنين!

شارك
القصيدة
شارك
التدوينة
تم
(شقتي التي عشت بها أثناء دراستي بمدينة فلرتون، جنوب كاليفورنيا، وأستعيد ذكرياتي بها في هذه القصيدة)

شمعةٌ..

تدري بأن الضوء يأتي من سِواها..

واستمرّت تسردُ الليل

وتحمي أطُرَ اللوحاتِ

فالألوانُ منها تتباهى

رغم أن الأبجورات الصغيراتِ تبثُّ النورَ

مِن غير ضجيجٍ

في سطوعٍ هادئٍ تُلقي تعاويذها على كل الزوايا..

فترى أطيافُ قلبي ذاتَها

دون مَرايا

..

كاليفورنيا.. فلرْتونْ

والساحلُ الغربيُّ يحْنو بالمطرْ

يهبط الناسُ ويَجْنون حياةً أَبدَعَ الرسامُ عنها

صُوراً تِلوَ صورْ

كاليفورنيا..

من أغاني الموج حتى شُقةٍ دافئةٍ

ضَمّت حنينَ الأفقِ

أحلامَ القمرْ...

أفتح الباب إذا أرهقَني الدربُ

وأسقي شمعتي نارًا

أجُسّ الأورك بأصابعي..

تصحو غربةُ الساعةِ من نومِ اشتياقٍ

ومعَ التلفاز تقضي لحظتي بعضَ الوطَرْ..

وأحيّي كتُبي في الرفّ

أمحو عن نواصيها غبار الصمتِ

تُغريني بآمالِ الفكَرْ

لستُ أبقي -في زوايا شقتي الأغلى-

حَفيفًا أو أذَرْ

دون أن أُصغي لنبض العزلةِ.. الأنغامِ

خطوي في المَمَر..

..

أم كلثومٍ تَحِيُك الانتظاراتِ مَقامًا

والصدى يرتاح في أحضان صوتٍ

جاء من "حيّرتَ قلبي"

كلُّ ما في شقتي يشدو بحُبِّ

ويفيض "النهَرُ الخالدُ" حولي

نغَمًا عذبًا.. ويحمي غربتي

يُشجي ويُصْبِي

وإذا ضاقت بيَ الأحلامُ

أرنو لهوى "الفجر البعيدْ"

لجذور اللحن حيثُ الشايُ والنعناعُ

والبنُّ.. تَهادَى مِن صَبا نجدٍ

إلى "لوس انجلوسْ"

أشتمُّ عطرَ الروح عند الشاطئِ الغافي

وحيدًا

وأنا أيضًا وحيدْ

..

لستُ وحدي بين جُدران المكانْ

فأنا أسرحُ في كل مكانْ

شقتي باردةٌ دافئةٌ تَطفو على غيمِ الأمانْ

أُغلِقُ البابَ

ولكنّ يداً لا أراها تفتح الأبواب في قلبي

لكي يأتي نسيمُ الشوق..

من حولي كأنغام كمانْ

بعد أن عادت طيور الوقت

أسرابًا

وساقتني إلى الحاضرِ أمواجُ الزمانْ

نبتَتْ في خاطري شمسٌ

وأحيتْ غابةَ الذكرى

حنينَ الفقد لمّا لم أعد وسط الجنانْ

كنتُ وحدي

غير أن الكون.. كل الكونِ

حولي.. بين جدران المكانْ

عبدالله الفارس
متخصص في المجالات الثقافية، وتعزيز العلامة الشخصية والوطنية